ثانيا : البراكين
البراكين هي فتحات في قشرة الأرض تصل باطنها الشديد الحرارة بسطحها البارد، ويخرج من هذه الفتحات وقت الثوران مقذوفات ملتهبة من مواد صلبة وأخرى منصهرة أو سائلة ومعادن ذائبة وأبخرة وغازات ورماد وطفح بركاني وتتراكم أغلب هذه المقذوفات (اللاقا) حول الفوهة مكونة جبل مخروطي الشكل يعرف بالبركان أو جبل النار.
أسباب حدوث البراكين :
تحدث البراكين لوجود مناطق ضعف في القشرة الأرضية تستطيع المواد الباطنية المنصهرة الواقعة تحت الضغط الشديد أن تتغلب عليها، وتنفذ منها بصورة مروعة من الثوران الهائل .
تركيب البركان :
ويتركب البركان من الأجزاء الآتية:
1- مخروط له قاعدة مستديرة وجوانب مائلة
2- القصبة أو المدخنة وهي التجويف الأسطواني الذي يصل فتحة البركان بالطبقات الباطنية حيث توجد المواد المنصهرة .
3- الفوهة وهي مكان خروج المقذوفات البركانية وهي دائرية الشكل مرتفعة الجوانب.
أنواع البراكين :
البراكين تحتوي على ثلاثة أنواع من حيث نشاطها وهي :
1- البراكين الثائرة أو النشطة وهي التي تثور بانتظام مثل بركان استرمبولي Stromboli بإيطاليا .
2- البراكين الهادئة وهي التي تثور أحيانا ثم تهدأ أحيانًا، مثل بركان فيزوف المطل على خليج نابولي بإيطاليا .
3- البراكين الخامدة وهي التي ثارت قديما تم خمدت نهائيا وتهدمت فوهتها وانسدت قصبتها وتمت الأشجار والنباتات على جوانبها وأصبحت مخاريط بركانية تكون جبالاً منفردة مثل جبل كينيا بقارة أفريقيا.
مناطق البراكين :
توجد البراكين في مناطق الضعف بالقشرة الأرضية، ويمتد أكبر نطاق من البراكين على اليابس المجاور للمحيط الهادي في شرق آسيا وغرب الأمريكيتين.
التنبؤ بحدوث الإنفجارات البركانية:
سجل التاريخ حدوث هزات أرضية قبل حدوث البراكين، حيث سبق حدوث انفجار هاواي نوعان من الهزات الأرضية نوع قريب من السطح لا يتعدى بعد مركز الزلزال فيه عن 8 كيلومترات عن السطح، ونوع حدث على أعماق سحيقة على بعد 60 كيلومترا تحت سطح الأرض. وفي بعض الحالات سبقت الهزات انفجار البراكين بعدة سنوات ومثال ذلك تلك الهزات الأرضية التي استمرت 16 عاما قبل ثوران بركان فيزوف (79) ق.م) وكذلك الهزات الأرضية التي استمرت عدة سنوات قبل حدوث انفجار بركان كيلوا Kilau في هاواي وفي هذا المجال قام مركز رصد البراكين في هاواي بعدة دراسات ميدانية حول هذه الظاهرة عام 1942 حيث سجل حدوث هزات أرضية عنيفة في مونالوا Mauna Loa على أبعاد سحيقة.
من سطح الأرض تتراوح بين 40-50 كيلومترا. وفي 22 فبراير من تلك السنة حدثت هزات أرضية قريبة من السطح على جوانب الجبل في مناطق الشقوق فيه .
كانت هذه الهزات إنذارا لحدوث ثورة البركان التي حصلت على جوانب الجبل على ارتفاع 2500-3000م، بتاريخ 26 أبريل 1942. ولكن هل يمكن التنبؤ بصورة دقيقة بوقت حدوث النشاطات البركانية ؟
وللإجابة على هذا السؤال يجب أن نعرف أن علماء البراكين مازالوا يتريثون في تقديم أي تنبؤات أكيدة ودقيقة عن زمان ومكان حدوث مثل هذه الإنفجارات ورغم ذلك فإن هناك بعض الأحداث والشواهد التي يمكننا الاستدلال منها على احتمال ثوران البراكين وهي :
1- حدوث الزلازل التي قد تسبق ثوران البراكين بساعات او بسنين أحيانا
2- التغيرفي صفات وسلوك الينابيع الحارة والفوارات الأرضية والفوهات والبحيرات البركانية .
3- التغير في قوة واتجاهات المجالات المغناطيسية للأرض.
4- زيادة الحرارة المنبعثة في المنطقة ويكن الإستدلال عليها من التصوير بالأشعة تحت الحمراء.
5- التحول في القوى الكهربائية المحلية.
6- السلوك المتوتر لدى بعض أنواع الحيوانات.
ومن الدراسات الحديثة في هذا المجال استخدام الأقمار الصناعية حيث يمكن بواسطتها استعمال جهاز قياس الميل Tilt meter الذي يدلنا على تغير ميل التراكيب الجيولوجية نتيجة اندفاع الصهارة من اسفل إلى أعلى وحدوث تفلطح في المنطقة التي يبدأ يتكون فيها المخروط البركاني والذي تخرج منه الحمم .
إن الاهتمام العالمي بهذا الخصوص أدى إلى تأسيس معاهد تختص بدراسة الظواهر الفجائية مثل الإنفجارات البركانية ففي مدينة كامبردج في الولايات المتحدة معهد يضم نخبة من الباحثين وعلماء البراكين والجيولوجيا وتتصل به شبكات عالمية تزوده بالمعلومات حول الهزات الأرضية والثورانات البركانية وأي عوارض أخرى فجائية تحدث في القشرة الأرضية في أماكن مختلفة من العالم. ويتم مقارنة ودراسة هذه المعلومات أولا بأول للوصول إلى تصورات متكاملة حول هذا الموضوع.
الوقاية من البراكين:
تعتبر الثورات البركانية من أسهل الكوارث التي يمكن التنبؤ بها، وذلك لأنها تكون مصحوبة بالعديد من الظواهر الفيزيائية والتفاعلات الكيماوية، التي يمكن مراقبتها كل على حدة.
الثورات البركانية تكون دائما مسبوقة بنشاط زلزالي كثيف وتتمدد للقشرة الأرضية، كما أنه يكتشف بكل سهولة استفاقة البراكين الخامدة، وذلك عن طريق وجود بعض أجهزة قياس ورصد الزلازل، وهو ما يسمح بإعطاء الإنذار في الوقت المناسب.
أما عندما يكون هناك خطر بركاني وشيك، فمن السهل ملاحظة صعود اللافا إلى السطح وانتفاخ سطح التربة، وتحرر الغازات، كما يسجل في نفس الوقت حدوث اضطرابات محلية في حقل الجاذبية والحقل المغناطيسي للأرض.
وظهور هذه الظواهر وترددها وكذا شدتها، يسمح بإعطاء الإنذار على المدى المتوسط عن طريق المعطيات التي يتم تقديمها عن طريق مجموعة من أجهزة الكشف هذه الأخيرة تقوم بتحليل إصدارات الغازات المنبعثة من البركان، وتسجيل التغيرات التي تحدث في تكوين التربة على السطح وفي الأعماق، كما يمكنها تسجيل أدنى التغيرات التي تحدث في حقل الجاذبية والحقل المغناطيسي للأرض.
وتتعقد الأمور، كلما اقتربت الحمم والمواد المنصهرة من السطح، مركزة تأثيراتها على مساحة تزداد صغرا شيئا فشيئا كلما اقتربت من فوهة البركان.
ولهذا تتطلب كل هذه التطورات نشر واستعمال أجهزة قياس وكشف إضافية حتى يسهل الإحاطة بالمناطق الأكثر خطرا في البركان، حيث يؤدي ارتفاع الضغط في هذا الأخير إلى تضاعف الظواهر الكيميائية والفيزيائية.
وكلما أصبح الانفجار البركاني وشيك، كلما أصبح من الصعب التنبؤ وقت حدوثه، ولهذا التوقعات على المدى القصير في هذا المجال هي نادرة، كما أنها قليلة في وقتنا الحالي، بسبب عدم توفر أجهزة الكاشف القياس في مجموع البراكين، التي هي في حالة نشاط عبر مختلف أرجاء العالم.
أما في حالة البراكين المعروفة بخطورتها والمصنفة بالمتفجرة، فأبسط شيء يمكن عمله هو تحديد منطقة عازلة، يمنع الدخول إليها وإجلاء السكان القاطنين بالقرب منها، إلا أن تطبيق هذه الإجراءات على أرض الواقع يصبحا صعبا، وذلك راجع إلى أسباب اجتماعية واقتصادية واضحة، كما أنه من غير المعقول تهجير سكان مدن وقرى بأكملها من منطقتهم.